جدول المحتوى
هل تخيّلت يومًا أن تضع أموالك في البنك فتكتشف أنها تتناقص بدلًا من أن تنمو؟ هذا هو جوهر الفائدة السلبية، الظاهرة التي قلبت المفاهيم المالية رأسًا على عقب، وأصبحت حديث الخبراء والمستثمرين حول العالم. لم تعد أسعار الفائدة المنخفضة مجرد وسيلة لتحفيز الاقتصاد، بل تحولت في بعض الدول إلى معدلات سالبة تدفع المودعين للبحث عن بدائل أكثر أمانًا وربحية. في هذا المقال سنتناول ما تعنيه الفائدة السلبيه فعليًا، وكيف يمكن أن تؤثر على مدخرات الأفراد واستراتيجيات البنوك وسلوك الأسواق المالية.
تزداد أهمية فهم الفائدة السلبيه في وقت تتغير فيه السياسات النقدية عالميًا، وتواجه الاقتصادات تحديات التضخم والتباطؤ معًا. فالموضوع لا يخص البنوك المركزية فقط، بل يمتد أثره إلى حياة كل فرد يمتلك حسابًا مصرفيًا أو يسعى لشراء منزل أو تمويل مشروع. سنتعرف معًا على كيفية تأثير الفائدة السلبيه على الاقتصاد السعودي والعالمي، وعلى ما إذا كانت تمثل خطرًا ماليًا أم فرصة جديدة لإعادة التفكير في أسلوب إدارة الأموال في عالم سريع التغير.
ما هو معدل الفائدة السلبية

تخيل أنك تودع أموالك في البنك لتوفيرها بأمان، لكنك تتفاجأ بعد فترة بأن البنك خصم منك مبلغًا صغيرًا بدلًا من أن يمنحك فائدة! هذا هو ببساطة مفهوم معدل الفائدة السلبية. أي أن المودع يدفع للبنك مقابل الاحتفاظ بأمواله، بدلًا من أن يحصل على عائد منها كما هو المعتاد في الفائدة الإيجابية. يحدث ذلك عادة عندما تقوم البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة إلى ما دون الصفر بهدف تشجيع الناس على الإنفاق والاستثمار بدل الادخار.
بمعنى آخر، في ظل الفائدة السلبية يصبح من غير المجدي الاحتفاظ بالنقود في الحسابات البنكية لفترات طويلة، لأن قيمتها الفعلية تتراجع بمرور الوقت. تلجأ بعض الدول إلى هذا الأسلوب عندما يعاني الاقتصاد من الركود أو انخفاض الطلب، فتسعى لجعل الأموال “تتحرك” في السوق. إنها سياسة مالية تبدو غريبة للوهلة الأولى، لكنها أحيانًا تكون وسيلة الحكومات لتحفيز النشاط الاقتصادي ومنع التباطؤ.
سيناريوهات غريبة على أسعار الفائدة السلبية
تخيل أنك في سويسرا عام 2025، تودع أموالك في البنك لتكتشف أن رصيدك يقل قليلًا كل شهر بدلًا من أن يزيد، لأن البنك يفرض فائدة سلبية تبلغ -0.75% على الودائع الكبيرة. الهدف من هذه السياسة كان دفع الأفراد والشركات إلى استثمار أموالهم أو إنفاقها بدلًا من تجميدها في الحسابات البنكية، في محاولة لتحريك عجلة الاقتصاد في ظل تباطؤ النمو. ومع ذلك، شعر الكثير من المودعين بالقلق لأن ادخار الأموال أصبح مكلفًا، وبدأ البعض بالاحتفاظ بالنقود نقدًا لتجنب الخصم المستمر.
وفي اليابان، اتبعت البنوك المركزية نفس النهج في عام 2025 مع تطبيق فائدة سلبية تصل إلى -0.1%، وهو ما أدى إلى تغيّر سلوك المستهلكين والمستثمرين بشكل كبير. فقد بدأت البنوك في تقليل العوائد على الودائع، بينما استفادت الشركات من قروض أرخص لتوسيع أعمالها. لكن النتيجة كانت مزيجًا معقدًا من الفوائد والمخاطر، إذ ارتفعت أسعار العقارات والأسهم بسبب السيولة الزائدة، في حين تضرر المودعون التقليديون. هذه السيناريوهات توضح كيف يمكن لمفهوم “الفائدة السلبية” أن يقلب القواعد الاقتصادية رأسًا على عقب، مؤثرًا على البنوك والمستهلكين والأسواق في آنٍ واحد.
أسعار الفائدة تشبه الجاذبية
شبّه المستثمر الشهير وارن بافيت أسعار الفائدة بـ قوة الجاذبية التي تؤثر على كل ما في الاقتصاد، من الأسهم إلى العقارات. فعندما تكون الفائدة مرتفعة، تصبح مثل جاذبية قوية تسحب الأسعار إلى الأسفل، لأن المستثمرين يفضلون الادخار في البنوك بدلًا من المخاطرة في الأسواق. أما عندما تنخفض الفائدة أو تصبح سلبية، فإن “الجاذبية” تضعف، فترتفع أسعار الأصول مثل الأسهم والعقارات لأن المستثمرين يبحثون عن عائد أفضل في أماكن أخرى.
وفي العالم العربي، يتكرر هذا التأثير بشكل واضح؛ فعندما تخفّض البنوك المركزية أسعار الفائدة، يزداد الإقبال على شراء العقارات والأسهم لاعتبارها فرصًا أكثر ربحية من الادخار البنكي. وعلى العكس، عند ارتفاع الفائدة، يتجه الناس إلى الودائع والقروض تتباطأ، وذلك ينعكس على حركة السوق. لذلك فإن فهم العلاقة بين الفائدة والأسواق أصبح أمرًا أساسيًا لأي شخص يرغب في حماية مدخراته أو الاستثمار بذكاء في بيئة اقتصادية متغيرة.

أسعار الفائدة بالفعل بالقرب من الصفر
بعد سنوات من بقاء أسعار الفائدة في المنطقة السلبية، بدأت بعض الدول — مثل الاتحاد الأوروبي وسويسرا بالعودة تدريجيًا إلى الفائدة الموجبة خلال عامي 2024 و2025، في محاولة للحد من التضخم واستقرار الأسواق المالية بعد موجات من السيولة الزائدة. هذا التحول يعكس مرحلة جديدة من السياسة النقدية العالمية، حيث انتقلت البنوك المركزية من تحفيز الإنفاق إلى كبحه للحفاظ على توازن الأسعار.
وبينما تتجه هذه الدول نحو رفع الفائدة، لا تزال الاقتصادات الأخرى تراقب بحذر تأثير ذلك على تدفقات الأموال والاستثمار العالمي. بالنسبة للمستهلكين والمستثمرين، يعني هذا التغير أن القروض ستصبح أكثر تكلفة، في حين قد تعود المدخرات البنكية لتقديم عوائد إيجابية من جديد. وبذلك تدخل الأسواق العالمية — بما في ذلك السعودية فترة من إعادة التوازن المالي بعد سنوات من التجارب غير التقليدية مع الفائدة السلبية.
متوسط العملاء لا يحصلون على الفائدة
عندما تكون الفائدة منخفضة جدًا أو سلبية، فإن المستهلك العادي لا يستفيد فعليًا من مدخراته، بل قد يخسر جزءًا من قيمتها بمرور الوقت. فبدل أن يحصل المودع على عائد من البنك، قد يجد نفسه أمام عوائد شبه معدومة أو حتى رسوم إضافية مقابل الاحتفاظ بأمواله. هذا السيناريو، الذي عايشه عملاء في دول مثل سويسرا واليابان، يثير تساؤلات حقيقية حول مستقبل الادخار في العالم العربي إذا تم تطبيق سياسات مشابهة.
في حال تبنّت بعض دول الخليج مثل هذه السياسة مستقبلاً — كجزء من توجهات نقدية لمواجهة الركود أو تحفيز الاستثمار — فقد يتغير سلوك المستهلكين بشكل كبير. سيتجه كثيرون إلى البحث عن بدائل استثمارية مثل العقارات، الذهب، أو الأسهم بدل الاحتفاظ بالأموال في الحسابات البنكية. وهذا التحول قد يخلق تحديات جديدة للبنوك المحلية، لكنه في الوقت نفسه قد يفتح فرصًا أمام قطاعات استثمارية جديدة تساهم في تنويع الاقتصاد.
عواقب أسعار الفائدة السلبية
تؤدي أسعار الفائدة السلبية إلى سلسلة من التأثيرات المتشابكة على الاقتصاد، تمتد من الأسعار اليومية إلى القرارات الاستثمارية الكبرى. فبينما تهدف في الأساس إلى تحفيز النمو، إلا أن آثارها الجانبية قد تكون عميقة ومتنوعة.
أولاً: تأثيرها على التضخم
عندما تصبح الفائدة سلبية، تقل تكلفة الاقتراض، ما يدفع الأفراد والشركات إلى الإنفاق أكثر، فيرتفع الطلب على السلع والخدمات. هذا النشاط الزائد يرفع مستوى الأسعار تدريجيًا، مما يؤدي إلى تضخم أعلى قد يفقد معه المستهلكون جزءًا من قوتهم الشرائية. وفي حال لم يتم التحكم في هذا التضخم، يمكن أن يتحول إلى عبء على الاقتصاد بدل أن يكون أداة إنعاش له.
ثانيًا: تأثيرها على الاستثمار
تسعى الحكومات من خلال الفائدة السلبية إلى دفع المستثمرين نحو المشاريع الإنتاجية بدلاً من الادخار في البنوك. لكن في بعض الحالات، يؤدي تدفق الأموال الزائد إلى تضخّم أسعار الأصول مثل الأسهم والعقارات دون زيادة حقيقية في الإنتاج. وهذا ما حدث في أسواق مثل اليابان وأوروبا، حيث ازدهرت المضاربات بينما ظلّ النمو الفعلي بطيئًا.
ثالثًا: تأثيرها على القروض العقارية
تجعل الفائدة المنخفضة القروض العقارية أكثر جاذبية، فيقبل الناس على شراء المنازل أو الاستثمار العقاري. لكن هذه الطفرة في الطلب قد ترفع أسعار العقارات بسرعة كبيرة، مما يخلق فقاعة يصعب السيطرة عليها لاحقًا. ولو تم تطبيق مثل هذه السياسة في دول الخليج، فقد نشهد ارتفاعًا مؤقتًا في الطلب العقاري، لكن مع تحديات لاحقة تتعلق بتوازن السوق واستدامة الأسعار.
كيف تعمل أسعار الفائدة السلبيه
تُستخدم أسعار الفائدة السلبيه كأداة نقدية غير تقليدية تهدف إلى تحفيز الإنفاق والاستثمار في فترات الركود أو ضعف النمو الاقتصادي، وليس لمعاقبة المدخرين كما يظن البعض. فعندما يقوم البنك المركزي بخفض الفائدة إلى ما دون الصفر، فإنه يرسل إشارة واضحة للبنوك التجارية لتوظيف أموالها في القروض والمشاريع بدلاً من الاحتفاظ بها لديه، لأن الاحتفاظ بالنقد في هذه الحالة يصبح مكلفًا.
هذا الإجراء يهدف إلى تشجيع الأفراد والشركات على الإنفاق بدل الادخار، فالقروض تصبح أرخص، والاستثمار يبدو أكثر جذبًا من إبقاء الأموال مجمدة في الحسابات البنكية. ومع زيادة الإنفاق، ينتعش الاقتصاد تدريجيًا. غير أن هذا النوع من السياسات يحتاج إلى توازن دقيق، لأن المبالغة فيه قد تضعف الثقة في العملة المحلية وتؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، وهو ما يجعل الفائدة السلبية سلاحًا ذا حدين في إدارة الاقتصاد.
اكتناز النقدية
في ظل التحول العالمي نحو الاقتصاد الرقمي، أصبح الاكتناز النقدي سلوكًا يتعارض مع التوجهات الحديثة، خصوصًا في دول مثل السعودية التي تسعى من خلال رؤية 2030 إلى تقليل الاعتماد على التعاملات النقدية وتشجيع المدفوعات الإلكترونية. فسياسة الفائدة السلبيه تهدف في جوهرها إلى دفع الأفراد والمؤسسات للتخلي عن فكرة الاحتفاظ بالنقد وتشجيعهم على توظيف أموالهم في الاستثمار أو الإنفاق داخل المنظومة الاقتصادية.
في بيئة تسعى نحو التحول المالي الذكي، يصبح تكديس الأموال في الحسابات البنكية دون استثمار فعلي أمرًا يحدّ من نمو الاقتصاد. ولهذا، يمكن اعتبار الفائدة السلبية — رغم مخاوف البعض منها — وسيلة لتسريع الانتقال نحو اقتصاد أكثر حيوية ورقمنة، حيث تدور الأموال في مشاريع إنتاجية وشركات ناشئة ومدفوعات إلكترونية بدل أن تبقى مجمدة خارج دورة التنمية.
🔹 أسباب لجوء الدول إلى الفائدة السلبيه
تلجأ بعض الدول إلى سياسة الفائدة السلبيه عندما تدخل في مرحلة ركود اقتصادي أو تباطؤ طويل يجعل الشركات والأفراد يحجمون عن الإنفاق. تهدف هذه السياسة إلى تحفيز الاستهلاك والاستثمار عبر جعل الادخار أقل جاذبية، بحيث يبدأ الناس بإنفاق أموالهم أو توجيهها إلى مشاريع إنتاجية. كما تساعد على زيادة الاقتراض من البنوك لتشغيل عجلة الاقتصاد، وتقليل تكلفة الديون الحكومية في أوقات الأزمات.
🔹 الدول التي طبقت الفائدة السلبية
في السنوات الأخيرة، تبنت عدة دول سياسة الفائدة السلبيه في محاولة لإنعاش اقتصادها، من أبرزها:
| الدولة | بداية تطبيق الفائدة السلبية | المعدل الأدنى الذي وصلت إليه | الوضع الحالي (2025) |
| اليابان | 2016 | -0.10% | لا تزال السياسة قائمة مع توجه تدريجي للرفع |
| سويسرا | 2015 | -0.75% | عادت إلى الفائدة الموجبة في 2024 |
| الاتحاد الأوروبي | 2014 | -0.50% | أنهى الفائدة السلبية في 2023 |
| الدنمارك | 2012 | -0.60% | رفعت الفائدة إلى المنطقة الموجبة في 2024 |
🔹 متى تنتهي سياسة الفائدة السلبية؟
عادةً تتراجع الدول عن هذه السياسة عندما تبدأ مؤشرات النمو والتضخم بالتحسن ويصبح الاقتصاد بحاجة إلى استقرار الأسعار أكثر من التحفيز. فالفائدة السلبيه أداة مؤقتة تُستخدم فقط في فترات الركود أو الانكماش، وعند تحسن الأسواق وعودة الثقة، تبدأ البنوك المركزية برفع الفائدة تدريجيًا إلى المنطقة الموجبة للحفاظ على التوازن النقدي ومنع التضخم المفرط. التجربة الأوروبية والسويسرية خير مثال على ذلك في عامي 2023 و2024.
🔹 هل يمكن أن تُطبق في السعودية؟
في الوقت الحالي، لا تبدو الفائدة السلبيه خيارًا مطروحًا في السعودية، نظرًا لقوة الاقتصاد المحلي وارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي. تعتمد السعودية على سياسات نقدية متوازنة تهدف إلى استقرار الأسعار وتحفيز الاستثمار دون الحاجة إلى إجراءات متطرفة. ومع ذلك، في حال واجه الاقتصاد العالمي ركودًا واسعًا وتراجعت أسعار النفط بشكل حاد، قد تلجأ بعض الدول الخليجية إلى أدوات مشابهة — ولكن بشكل محدود — لتخفيف الضغط على النظام المالي.
🔹 رأي الخبراء
يرى صندوق النقد الدولي أن الفائدة السلبية يمكن أن تكون أداة فعالة على المدى القصير، لكنها تفقد تأثيرها إذا طُبقت لفترات طويلة، إذ تضرّ بربحية البنوك وتحد من تكوين رأس المال. أما الاقتصادي “لورانس سمرز” فيؤكد أن هذه السياسة يجب أن تُستخدم فقط في الاقتصادات المتقدمة التي تواجه انكماشًا مزمنًا، بينما في الاقتصادات الناشئة مثل السعودية، فإن التركيز على التنويع والاستثمار الحقيقي أكثر فاعلية في تحفيز النمو من خفض الفائدة إلى ما دون الصفر.
أسئلة شائعة

تثير سياسة الفائدة السلبيه فضول الكثير من القرّاء والمهتمين بالشأن الاقتصادي، خصوصًا بعد أن بدأت بعض الدول الكبرى بتجربتها في السنوات الأخيرة. لفهم هذا المفهوم وتأثيره على حياتنا المالية اليومية، نعرض فيما يلي مجموعة من الأسئلة الشائعة التي توضح الصورة بشكل مبسط وشامل:
ما المقصود بمعدل الفائدة السلبيه؟
الفائدة السلبيه تعني أن البنك المركزي يفرض على البنوك دفع مقابل مالي عند إيداع أموالها لديه بدلًا من حصولها على فائدة إيجابية. أي أن البنوك — والمودعين في بعض الحالات — يدفعون ثمن الاحتفاظ بالنقود بدلاً من أن يحصلوا على عائد عليها، لتحفيز الإنفاق والاستثمار في الاقتصاد.
لماذا قد تقوم البنوك المركزية بتطبيق فائدة سلبية؟
تلجأ البنوك المركزية إلى هذه السياسة في فترات الركود أو ضعف النمو الاقتصادي، بهدف تشجيع الاقتراض وتقليل الادخار. فهي وسيلة لتحريك السيولة في السوق، ودفع الأفراد والشركات إلى استثمار أموالهم أو إنفاقها بدلاً من تجميدها في الحسابات البنكية.
هل يمكن أن تُطبّق الفائدة السلبيه في السعودية؟
حتى الآن لا يوجد توجه نحو تطبيق الفائدة السلبية في السعودية، نظرًا لاستقرار السياسة النقدية وارتباط الريال بالدولار الأمريكي. ومع ذلك، قد تراقب المملكة التجارب العالمية وتدرس أدوات مشابهة لتحفيز الاقتصاد إذا واجه العالم ركودًا حادًا مستقبلاً.
ما تأثير الفائدة السلبيه على المدخرين والمقترضين؟
يتضرر المدخرون من الفائدة السلبيه لأن العائد على ودائعهم ينخفض أو يصبح سالبًا، بينما يستفيد المقترضون الذين يحصلون على قروض بتكاليف منخفضة جدًا. النتيجة أن الناس يفضلون الإنفاق أو الاستثمار بدلًا من الادخار الطويل الأمد.
هل الفائدة السلبية أمر دائم أم مؤقت؟
الفائدة السلبيه تُعتبر سياسة مؤقتة واستثنائية تُستخدم فقط أثناء الأزمات الاقتصادية أو الانكماش، وعادة ما تتراجع الدول عنها عندما يتحسن النمو ويعود التضخم إلى معدلاته الطبيعية. فهي ليست أداة دائمة بل مرحلة علاجية ضمن السياسة النقدية.
كيف تؤثر الفائدة السلبيه على التضخم؟
تهدف الفائدة السلبيه إلى زيادة التضخم المعتدل عن طريق تحفيز الإنفاق وتقليل الادخار، ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على السلع والخدمات. لكن استمرارها لفترات طويلة قد يسبب تضخمًا مفرطًا يصعب التحكم فيه، لذا يتم ضبطها بعناية.
ما الدول التي جربت الفائدة السلبيه بالفعل؟
من أبرز الدول التي طبّقت الفائدة السلبية اليابان وسويسرا والدنمارك والاتحاد الأوروبي، حيث تم اعتمادها بعد الأزمة المالية لتحفيز النشاط الاقتصادي. إلا أن معظم هذه الدول بدأت في السنوات الأخيرة العودة إلى الفائدة الموجبة مع تعافي الأسواق تدريجيًا.
خاتمة
في الختام، يتضح أن الفائدة السلبية لم تعد مجرد مفهوم اقتصادي معقد، بل أصبحت أداة واقعية استخدمتها دول كبرى لتحفيز النمو ومواجهة الركود. وبينما نجحت هذه السياسة في بعض الحالات بتحريك الأسواق وتقليل البطالة، إلا أنها أثارت جدلاً واسعًا حول آثارها على المدخرات والاستثمار طويل الأمد. فالعالم اليوم يعيش مرحلة حساسة من التوازن بين النمو الاقتصادي وكبح التضخم، ما يجعل القرارات المتعلقة بأسعار الفائدة أكثر تأثيرًا من أي وقت مضى.
أما عن السؤال الأهم: هل يمكن أن نرى أسعار فائدة سلبية في السعودية؟ فالإجابة تعتمد على مسار السياسة النقدية العالمية وتطورات الاقتصاد المحلي. فالمملكة، بسياساتها المالية المستقرة وارتباط الريال بالدولار، تركز على استدامة النمو وحماية القطاع المصرفي من التقلبات الحادة. ومع ذلك، تظل متابعة التجارب الدولية في الفائدة السلبيه خطوة ضرورية لصنّاع القرار والمستثمرين لفهم اتجاهات الأسواق المستقبلية والاستعداد لأي تحول اقتصادي عالمي.

